شهدت أغلب البنوك المصرية حالة من التكدس الشديد مع نهاية الأسبوع الماضي، وبداية الأسبوع الحالي، لا سيما فروع البنك الأهلي المصري (أكبر البنوك الحكومية)، وبنوك مصر، والقاهرة، والتجاري الدولي، وقطر الوطني، والعربي الأفريقي الدولي، وHSBC، بوصفها البنوك الأكبر في السوق المصرية من حيث حجم التعاملات، على ضوء ما يتردد من أنباء حول اتجاه مرتقب للبنك المركزي بتعويم جديد للجنيه أمام العملات الأجنبية.
ووقعت ملاسنات كلامية بين العملاء والعاملين في الفرع الرئيسي للبنك التجاري الدولي (أكبر البنوك الخاصة في السوق)، الكائن في شارع شريف بوسط القاهرة، يوم الأحد، بسبب مواجهة العملاء صعوبة في سحب أموالهم من ماكينات الصراف الآلي، واستلام التحويلات البنكية، منذ 13 يناير/كانون الثاني الجاري، بحجة توقف الخدمات البنكية الإلكترونية نتيجة عملية تحديث أنظمة الكمبيوتر الخاصة بالبنك.
وتقدم البنك باعتذار لعملائه المتضررين عن طريق الرسائل النصية، وكذلك عبر شاشات ماكينات الصراف الآلي المتعطلة تماماً منذ 10 أيام تقريباً، في وقت ادعى فيه البنك الانتهاء من التحديث التقني لنظامه الأساسي، وإتاحة جميع خدماته الإلكترونية بشكل كامل؛ غير أن بعض العملاء ما زالوا يعانون من عدم قدرتهم على تنفيذ وإجراء العمليات المصرفية بسبب تحديث النظام البنكي.
فيما اصطف عملاء البنك الأهلي المصري أمام أبواب فروعه المنتشرة في العاصمة القاهرة في مشهد لافت؛ رغبة منهم سحبها تدريجياً من حساباتهم المصرفية، واستبدالها بالدولار أو الذهب في وقت لاحق للحفاظ على قيمتها؛ خصوصاً مع نشر العديد من المواقع الإخبارية المحسوبة على النظام المصري أخباراً وتقارير من شأنها التمهيد لقرار خفض الجنيه.
وعلى إثر رصد حالة الزحام المستمرة في البنوك منذ الأسبوع الماضي؛ تلقت المواقع الإخبارية المصرية تعليمات من "أجهزة سيادية" بوقف نشر أي أخبار تتعلق بمسألة "تعويم الجنيه"، وطمأنة المودعين، في المقابل، بنشر تقارير تروج إلى استقرار الوضع المصرفي في مصر، والتقليل من شأن تداعيات مواجهة القطاع المصرفي نقصاً في السيولة الدولارية، حسب حديث مسؤول عن أحد هذه المواقع مع "العربي الجديد".
وأقر البنك المركزي حدوداً قصوى للسحب اليومي من حسابات الأفراد في مصر، بقيمة 50 ألف جنيه (3175 دولاراً تقريباً) من داخل الفروع، و20 ألف جنيه (1270 دولاراً) من ماكينات الصراف الآلي، أي بإجمالي 70 ألف جنيه (4445 دولاراً) في اليوم كحد أقصى.
وتتخوف الحكومة من تزايد وتيرة سحب المودعين لأموالهم، خصوصاً مع التراجعات الأخيرة التي شهدتها عملات الأسواق الناشئة، وتحذيرات بنوك استثمار عالمية من تعرض الجنيه لضغوط ومخاطر تتعلق بتقلبات في التدفقات الأجنبية في الأشهر المقبلة؛ علاوة على انعكاس أي أزمات اقتصادية عالمية بالسلب على الاقتصاد المصري، والذي يعاني في الأصل من تراجع كبير في حجم استثمارات الأجانب في أدوات الدين مؤخراً.
ويواجه السوق المصري أزمة دولارية شبيهة بالتي حدثت قبل تعويم الجنيه أواخر عام 2016، ارتباطاً باحتلال مصر المركز الثاني، بعد الأرجنتين، بين أعلى الدول اقتراضاً من صندوق النقد الدولي، والتحذيرات التي أطلقها الأخير في كتابه الدوري، بشأن مواجهة الاقتصادات الناشئة فترات من الاضطراب مع رفع البنك المركزي الأميركي معدلات الفائدة الأساسية، وتباطؤ النمو العالمي بسبب متحور "أوميكرون" الجديد من فيروس كورونا.
دعمت الحكومة المصرية الجنيه في مواجهة الدولار خلال السنوات الخمس الماضية، من خلال الإبقاء على سعر فائدة مرتفع لجذب المزيد من الأموال الساخنة
ودعمت الحكومة المصرية الجنيه في مواجهة الدولار خلال السنوات الخمس الماضية، من خلال الإبقاء على أسعار فائدة مرتفعة لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب في أذون الخزانة المحلية، فضلاً عن التوسع في أسواق السندات الدولية باللجوء إلى أنواع جديدة في الآونة الأخيرة، ومنها السندات الخضراء، والصكوك السيادية.
ووافق مجلس الوزراء المصري، قبل أيام قليلة، على بدء وزارة المالية في إجراءات إصدار صكوك سيادية في الأسواق الدولية، بحيث يعتمد إصدارها على حق الانتفاع للأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة، عن طريق بيع حق الانتفاع بهذه الأصول أو تأجيرها، أو بأي طريق آخر يتفق مع عقد الإصدار، وضمان حصة مالك الصك، وفق مبادئ الشريعة الإسلامية. (İLKHA)